الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمَّآ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ } * { ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }

يعد تبرئة الرسول صلى الله عليه وسلم من الغلول وبيان ما بعث لأجله عاد الكلام إلى كشف الشبهات التي عرضت للغزاة في واقعة أحد والرد على المنافقين بيان ضلالهم في أقوالهم وأفعالهم قال تعالى: { أَوَلَمَّآ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا }؟ قال المفسرون: إن الإستفهام الأول للتقريع و " لما " بمعنى " حين " والمصيبة ما أصابهم يوم أحد من ظهور المشركين عليهم وقد تقدم بيانه. والمشهور أن معنى إصابتهم مثليها هو كونهم قتلوا في بدر سبعين من المشركين وأسروا سبعين والمشركون لم يقتلوا منهم يوم أحد غير سبعين رجلاً. فجعل الأسرى في حكم القتلى للتمكن من قتلهم، وقال بعضهم إن المراد بالمصيبة الهزيمة وبالمثلين هزيمة المؤمنين للمشركين يوم بدر وهزيمتهم إياهم يوم أحد. ويحتمل أن يكون ما نالوه يوم أحد من المشركين في أول الأمر هو مثلي ما ناله المشركون منهم في ذلك اليوم بعد ترك الرماة مركزهم وإخلائهم ظهور المسلمين لخيل المشركين (راجع: ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه) وأما قولهم: أنى هذا؟ فهو تعجب منهم، أي من أين جاءنا هذا المصاب. قال الأستاذ الإمام، الكلام إنكار لتعجبهم وبيان لمنة الله تعالى عليهم حتى في واقعة أحد فإن خذلانهم فيها لم يبلغ مبلغ ظفرهم في بدر، بل كان نصرهم هناك ضعفي انتصار المشركين هنا كأنه يقول: لماذا نسيتم فضل الله عليكم في بدر فلم تذكروه؟. وأخذتم تعجبون مما أصابكم في أحد وتسألون عن سببه ومصدره! وقال المفسرون: إن سبب تعجبهم مما أصابهم هو اعتقادهم أنهم لا بد أن ينتصروا وهم مسلمون يقاتلون في سبيل الله وفيهم رسوله. وتقدم كشف هذه الشبهة في تفسير الآيات السابقة. وقد ذكر هنا تعجبهم ليبني عليه هذا الجواب وما فيه من الحكم لأولي الألباب وهو:

{ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } فإنكم أخطأتم الرأي بخروجكم من المدينة إلى أحد وكان الرأي ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم من البقاء فيها حتى إذا ما دخلها المشركون عليهم قاتلوهم على أفواه الأزقة والشوارع، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من سطوح المنازل، وروي هذا عن الربيع، ثم إنكم فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم الرسول طمعاً في الغنيمة ففارق الرماة منكم موقعهم الذي أقامهم فيه لحماية ظهوركم بنضح عدوكم بالنبل إذا أراد أن يكر عليكم من ورائكم، هذا المتبادر المشهور والمعقول المعنى الموافق لقاعدة كون العقوبات آثاراً لازمة للأعمال. وروي عن عكرمة ويروى عن الحسن أن ما حصل يوم أحد من المصيبة كان عقابا على أخذ الفداء عن أسرى بدر الذي عاتب الله عليه نبيه بقوله:مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ }

السابقالتالي
2 3 4 5 6