الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُنزَلِينَ } * { بَلَىۤ إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُسَوِّمِينَ } * { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ } * { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } * { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

إن هذه الآيات وعشرات بعدها نزلت في شأن غزوة أُحد ويتوقف فهمها على الوقوف على قصة تلك الغزوة ولو إجمالا. فوجب لذلك أن نأتي قبل تفسيرها بما يعين القارئ على فهمها ويبين له مواقع تلك الأخبار وما فيها من الحكم والأحكام، فنقول:

غزوة أحد

لما خذل الله المشركين في غزوة بدر ورجع فلهم إلى مكة مقهورين موتورين نذر أبو سفيان بن حرب أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمداً - صلى الله عليه وسلم - فخرج في مئة رجل من قريش حتى أتى بني النضير ليلا وبات ليلة واحدة عند سلام بن مشكم اليهودي سيد بني النضير وصاحب كنزهم فسقاه الخمر وبطن له من خبر الناس، ثم خرج في عقب ليلته وأرسل أصحابه إلى ناحية من المدينة. يقال لها العريض، فقطعوا وحرقوا صوراً من النخل، ورأوا رجلاً من الأنصار وحليفاً له فقتلوهما، ونذر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج في طلبهم، فلم يدركهم؛ لأنهم فروا وألقوا سويقاً كثيراً من أزوادهم يتخففون به فسميت غزوة السويق، وكانت بعد بدر بشهرين، وإنما ذكرناها قبل ذكر أحد ليعلم القارئ أن العدوان من المشركين على المسلمين كان متصلاً متلاحقاً!!.

ولما رجع أبو سفيان إلى مكة أخذ يؤلب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين وكان بعد قتل صناديد قريش في بدر هو السيد الرئيس فيهم، لذلك كلمه في أمر المسلمين الموتورون من عظماء قريش، كعبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية ليبذل مال العير التي كان جاء بها من الشام في أخذ الثأر فرضي هو وأصحاب العير بذلك، وكان مال العير كما في السيرة الحلبية خمسين ألف دينار ربحت مثلها فبذلوا الربح في هذه الحرب فاجتمعت قريش للحرب حين فعل ذلك أبو سفيان بن حرب وخرجت بحدها وجدها وأحابيشها ومن أطاعها من قبائل كنانة وأهل تهامة فكانوا نحو ثلاثة آلاف وأخذوا معهم نساءهم التماس الحفيظة وأن لا يفروا فإن الفرار بالنساء عسر والفرار دونهن عار، وكان مع أبي سفيان وهو القائد زوجه هند ابنة عتبة، فكانت تحرض الغلام وحشياً الحبشي الذي أرسله مولاه جبير بن مطعم ليقتل حمزة عم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعمه طعمة بن عدي الذي قتل ببدر، وقد علق عتقه على قتله. وكان هذا الحبشي ماهراً في الرمي بالحربة على بعد، قلما يخطئ فكانت هند كلما رأته في الجيش تقول له " ويها أبا دسمة اشف واشتف " تخاطبه بالكنية تكريماً له. وذكر الحلبي أنهم ساروا أيضاً بالقيان والدفوف والمعازف والخمور.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد