الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

المفردات: الرشد بالضمّ والتحريك إصابة وجه الأمر ومحجّة الطريق والهدى إصابة الثاني فهو أخصّ من الرشد ومثله الرشاد ويستعمل في كلّ خير وضدّه الغي. والطاغوت مصدر الطغيان ومبعثه، وهو مجاوزة الحد في الشيء وهو صيغة مبالغة كالملكوت من الملك أو مصدر. ويصحّ فيه التذكير والتأنيث والإفراد والجمع بحسب المعنى. والعروة من الدلو والكوز المقبض ومن الثوب مدخل الزر ومن الشجر الملتفّ الذي تشتو فيه الإبل فتأكل منه حيث لا كلأ ولا نبات أو هو ما لا يسقط ورقه كالأراك والسدر أو ما له أصل باقٍ في الأرض. أقوال يدلّ مجموعها على أنّ العروة هي ما يمكن الإنتفاع به من الشجر في كلّ فصل لثباته وبقائه وقالوا إذا أمحل الناس عصمت العروة الماشية يعنون ما له أصل باقٍ كالنصي والعرفج وأجناس الخلّة والحمض. والوثقى مؤنث الأوثق، وهو الأشدّ الأحكم والموثّق من الشجر ما يعول عليه الناس إذا انقطع الكلأ والشجر وأرض وثيقة كثيرة العشب يوثق بها. والإنفصام الإنكسار والإنقطاع، مطاوع فصمه أي كسره أو قطعه ولم يبنه.

(سبب النزول) روى أبو داود والنسائي وابن حبّان وابن جرير عن ابن عبّاس قال كانت المرأة تكون مقلاة (أي لا يعيش لها ولد) فتجعل على نفسها إن عاش لها أن تهوّده فلمّا أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا لا ندع أبناءنا فأنزل الله { لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ } وأخرج ابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عبّاس قال نزلت { لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ } في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين كان له إبنان نصرانيان وكان هو مسلماً فقال للنبي صلى الله عليه وسلم ألا أستكرههما فإنّهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فأنزل الله الآية.

وفي بعض التفاسير أنّه حاول إكراههما فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر؟ ولإبن جرير عدّة روايات في نذر النساء في الجاهلية تهويد أولادهنّ ليعيشوا وأنّ المسلمين بعد الإسلام أرادوا إكراه من لهم من الأولاد على دين أهل الكتاب على الإسلام فنزلت الآية فكانت فصل ما بينهم. وفي رواية له عن سعيد بن جبير أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال عندما أُنزلت: " قد خير الله أصحابكم فإن اختاروكم فهم منكم وإن اختاروهم فهم منهم ".

التفسير: أقول هذا هو حكم الدين الذي يزعم الكثيرون من أعدائه - وفيهم من يظنّ أنّه من أوليائه - أنّه قام بالسيف والقوّة فكان يعرض على الناس والقوّة عن يمينه فمن قبله نجا ومن رفضه حكم السيف فيه حكمه.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9