الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ وَٱلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير، والبيهقي في سننه من طريق زيد بن رومان عن عروة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش - وهو ابن عمّته - في ثمانية من المهاجرين في رجب مقفله من بدر الأولى وكتب له كتاباً يعلمه فيه أين يسير فقال: " أخرج أنت وأصحابك حتّى إذا سرت يومين فافتح كتابك فانظر فيه، فما أمرتك به فامض له، ولا تستكره أحداً من أصحابك على الذهاب معك " فلمّا سار يومين فتح الكتاب فإذا فيه أن امض حتّى تنزل نخلة فآتنا من أخبار قريش بما اتّصل إليك منهم، ولم يأمره بقتال. فقال لأصحابه - وكانوا ثمانية - حين قرأ الكتاب: سمعاً وطاعة من كان منكم له رغبة في الشهادة فلينطلق معي، فأنا ماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن كره ذلك منكم فليرجع، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاني أن أستكره منكم أحداً، فمضى القوم معه، حتى كانوا بنجران، أضلّ سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يتعقّبانه فتخلّفا عليه يطلبانه، ومضى القوم حتّى نزلوا نخلة، فمرّ بهم عمرو بن الحضرمي والحكم بن كيسان وعثمان بن عبد الله بن المغيرة وأخوه نوفل بن عبد الله وأشرف لهم عكاشة بن حصن وكان قد حلق رأسه، فلمّا رأوه حليقاً قالوا عمّار ليس عليكم منهم بأس، وأتمر بهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان آخر يوم من جمادى، فقالوا لئن قتلتموهم إنّكم لتقتلونهم في الشهر الحرام، ولئن تركتموهم ليدخلنّ في هذه الليلة الحرم فليمتنعنّ منكم، فأجمع القوم على قتلهم، فرمى واقد بن عبد الله السهمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وأفلت نوفل، وأعجزهم، واستاقوا العير فقدموا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: " والله ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام " فأوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسيرين والعير فلم يأخذ منها شيئاً، فلمّا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال: سقط في أيديهم (أي ندموا) وظنّوا أن قد هلكوا، وعنّفهم إخوانهم من المسلمين، وقالت قريش حين بلغهم أمر هؤلاء: قد سفك محمّد الدم الحرام وأخذ المال وأسر الرجال واستحلّ الشهر الحرام، فنزل قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ } الآية فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم العير وفدى الأسيرين. وفي رواية الزهري عن عروة، إنّه لمّا بلغ كفّار قريش تلك الفعلة ركب وفد منهم حتّى قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أيحلّ القتال في الشهر الحرام؟ فنزلت.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8