الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } * { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } * { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ }

ختم قصص الرسل بآيات من قصة موسى وفرعون

حكمة هذه الآيات الأربع من قصة موسى عليه السلام مع فرعون وملئه هي الإعلام بأن عاقبة فرعون وأشراف قومه اللعنة والهلاك ككفار أولئك الأقوام الظالمين، ولكن عذاب الخزي لم يشمل جميع قوم فرعون لما بيناه من قبل ولم نر أحداً سبقنا إلى مثله ولما كان إرسال موسى إلى فرعون لا يصح أن يعطف على إرسال شعيب إلى مدين لأنه لا يشاركه في نوعه المشترك مع إرسال صالح وهود - عطف على قولهوَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ } [هود: 69] وقد بينا حكمة اختلافه عما قبله فراجعه.

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [هود: 96] أي بآياتنا التسع المعدودة في سورة الإسراء والمفصلة في غيرها (وقد سبق ذكرها في قصته من سورة الأعراف) وسلطان مبين أي وبرهان واضح البيان، وهو ما آتاه الله من الحجة البالغة في محاوراته مع فرعون. وقيل هي العصا لأنها أكبر آياته، وعطفها على ما قبلها من عطف الخاص على العام، ولكن الله قالوَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } [الزخرف: 48].

{ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ } [هود: 97] بينا مراراً إن الملأ أشراف القوم وزعماؤهم وأضافهم إلى فرعون وخصهم بالذكر لأنهم أهل الحل والعقد والاستشارة في دولته الذين يسألهم رأيهم في موسى وغيره، ويعهد إليهم بتنفيذ ما يتقرر من الأمور كمسألة السحرة، وإنما يذكر قومه في مقام الاتباع له في الكفر والظلم وعذاب الآخرة دون عذاب الاستئصال { فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ } في كل ما قرره من الكفر بموسى وجمع السحرة لإبطال معجزته، ومن قتل السحرة لإيمانهم به، ومن تشديد الظلم على بني إسرائيل بتقتيل أبنائهم واستحياء نسائهم، وغير ذلك مما هو مفصل في قصته من السور الأخرى { وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } أي ما شأنه وتصرفه بذي رشد وهدى بل هو محض الغي والضلال، والظلم والفساد، في غروره بنفسه، وكفره بربه وطغيانه في حكمه، وماذا يكون جزاؤه مع قومه في الآخرة؟ الجواب:

{ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } [هود: 98] أي يتقدمهم ويكونون تبعاً له في ذلك اليوم كما كانوا تابعين له في الدنيا إلا من كان مؤمنا { فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } أي فيوردهم نار جهنم معه أي يدخلهم إياها، فالإيراد هنا بمعنى الإدخال كما استعمل الورود بمعنى الدخول، وعبر عنه بالفعل الماضي لتحقق وقوعه وقيل إن المراد أنه بإغوائه إياهم قد جعلهم مستحقين لها، وقد ورد أن آله يعرضون عليها منذ ماتوا صباحا ومساء من كل يوم وهو قوله تعالى:وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ * ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ }

السابقالتالي
2