الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَوْلَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي: بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فجحدوا نبوته { مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَوْلَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ } أي: شر من برأه الله وخلقه. قال الإمام: لأن منكر الحق بعد معرفته وقيام الدليل عليه، منكر في الحقيقة لعقل نفسه، مهلك لروحه جالب الهلاك لغيره.

لطائف

الأولى: دلت هذه الآية والتي قبلها على أن عنوان { ٱلْمُشْرِكِينَ } لا يتناول أهل الكتاب في عرف القرآن، بل هو خاص بالوثنيين. أعني: من يدينون بالإشراك وتعدد الأرباب، فأهل الكتاب - وهم اليهود والنصارى - لا يتناولهم ذلك العنوان وإن دخل في عقائدهم الشرك. لأنه دخيل لا أصيل. ولذلك ينفرون من وصمة الشرك، وبسببه حل النكاح منهم دون الوثنيين.

الثانية: قال ابن جرير: العرب لا تهمز البرية. وبترك الهمزة فيها قرأتها قراء الأمصار، غير شيء يذكر عن نافع بن أبي نعيم. فإنه حكى بعضهم عنه أنه كان يهمزها. وذهب بها إلى قول الله:مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ } [الحديد: 22] وأنها فعيلة من ذلك. وأما الذين لم يهمزوها، فإن لتركهم الهمز في ذلك وجهين: أحدهما: أن يكونوا تركوا الهمز فيها كما تركوه من الملك، وهو مفعل، من (ألك) أو (لأك) ومن (يرى) و (ترى) و (نرى)، وهو (تفعل) من رأيت. والآخر: أن يكونوا وجهوها إلى أنها فعلية من (البراء) وهو التراب. حكي عن العرب سماعاً فقيل: (بفيك البراء) يعني به التراب. انتهى.