الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ } أي: في ترك الجهاد، وهم أحياء ممن حول المدينة.

و { ٱلْمُعَذِّرُونَ } فيه قراءتان، التشديد والتخفيف، والمشددة لها تفسيران: أحدهما: من (عذّر في الأمر) إذا قصر فيه وتوانى ولم يجدّ، فتكلف العذر، فعذره باطل. والثاني: من (اعتذر)، وهو محتمل لأن يكون عذره باطلاً وحقاً، وأصله، عليهما، (معتذرون) نقلت فتحة التاء إلى العين، وقلبت التاء ذالاً، وأدغمت فيها.

وأما التخفيف فهي من (أعذر) إذا كان له عذر، وهم صادقون على هذا.

وقوله تعالى: { وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي: في دعوى الإيمان، وهم منافقو الأعراب الذين لم يجيئوا، ولم يعتذروا، بل قعدوا من قلة المبالاة بالله ورسوله.

ثم أوعدهم تعالى بقوله: { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } الضمير في { مِنْهُمْ } إما للإعراب مطلقاً، فالذين كفروا منافقوهم، أو أعمّ، وإما للمعذرين، فإن منهم من اعتذر لكسله، لا لكفره، وجوّز أن يكون المعنيّ بالذين كفروا منهم، المصرّون على الكفر.

ثم بيّن تعالى الأعذار التي لا حرج على من قعد معها عن القتال، فذكر منها ما هو لازم للشخص لا ينفك عنه، وما هو عارض عنَّ له بسبب مرض شغله عن الخروج في سبيل الله، أو بسبب فقر أعجزه عن التجهز للحرب، وبدأ بالأول فقال سبحانه:

{ لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ... }.