الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَٰلِدُونَ }

{ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ } أي: ما صحّ لهم وما استقام { أَن يَعْمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللهِ } أي: التي بنيت على اسمه وحده لا شريك له، أي يعمروا شيئاً منها، فهو جمع مضاف في سياق النفي، ويدخل فيه المسجد الحرام دخولاً أوليّاً، إذ نفيُ الجمع يدل على النفي عن كل فرد، فيلزم نفيه عن الفرد المعيّن بطريق الكناية. وقرئ (مسجد الله) بالتوحيد وتصريحاً بالمقصود، وهو المسجد الحرام، أشرف المساجد في الأرض، الذي بني من أول يوم على عبادة الله وحده، لا شريك له، وأسسه خليل الرحمن.

قال في (البصائر): (يَعْمُرُ) إما من العمارة التي هي حفظ البناء، أو من العمرة التي هي الزيارة، أو من قولهم: عمرت بمكان كذا أي: أقمت به. انتهى.

{ شَٰهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ } أي: بحالهم وقالهم، وهو حال من الضمير في { يَعْمُرُواْ } { أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَٰلِدُونَ } وهذا كقوله تعالى:وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَمَا كَانُوۤاْ أَوْلِيَآءَهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ } [الأنفال: 34]، ولهذا قال تعالى:

{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَىٰ... }.