الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } * { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } * { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلْوَدُودُ } * { ذُو ٱلْعَرْشِ ٱلْمَجِيدُ } * { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ }

{ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } قال أبو السعود: استئناف خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم، إيذانا بأن لكفار قومه نصيباً موفوراً من مضمونه، كما ينبئ عنه التعرض لعنوان الربوبية، مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام. و (البطش) الأخذ بعنف. وحيث وصف بالشدة فقد تضاعف وتفاقم. وهو بطشه بالجبابرة والظلمة، وأخذه إياهم بالعذاب والانتقام، كقوله تعالى:وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [هود: 102].

{ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } أي: يبدئ الخلق ثم يعيده. قال الإمام: وهو في كل يوم يبدئ خلقاً من نبات وحيوان وغيرهما. ثم إذا هلك أعاد الله خلقه مرة أخرى. ثم هو يعيد الناس في اليوم الآخر على النحو الذي يعلمه { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ } أي: لمن يرجع إليه بالتوبة { ٱلْوَدُودُ } أي: المحب لمن أطاعه وأخلص له { ذُو ٱلْعَرْشِ } أي: الملك والسلطان أو السماء { ٱلْمَجِيدُ } أي: العظيم في ذاته وصفاته. وقرئ بالجر صفة للعرش. ومجده: علوه وعظمته { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } أي: لا يريد شيئاً إلا فعله. فلا يحول بينه وبين مراده شيء. فمتى أراد إهلاك الجاحدين ونصر المخلصين، فعل؛ لأن له ملك السماوات والأرض؛ ولذا تأثره بقوله سبحانه: { هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ... }.