الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } * { وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } * { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }

{ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } قال ابن جرير: أي: إن الذين بروا بأداء فرائض الله، واجتناب معاصيه، لفي نعيم الجنان ينعمون فيها.

والأبرار جمع (بَرّ) بفتح الباء وهو المتصف بالبّر (بكسرها) أي: الطاعة. قال الأصفهاني: وقد اشتمل عليه قوله تعالى:لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلْكِتَابِ وَٱلنَّبِيِّينَ وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلاةَ وَآتَى ٱلزَّكَاةَ وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَٱلصَّابِرِينَ فِي ٱلْبَأْسَآءِ وٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } [البقرة: 177].

وقوله تعالى: { وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } أي: الذين فجروا عن أمر الله. أي انشقوا عنه وخالفوه. وهم من لم توجد فيهم نعوت الأبرار المذكورة في الآية قبلُ { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ } أي: يوم يدان العباد بالأعمال، فيجازون بها { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } أي: بخارجين، لأنهم مخلدون في صليها.

وقوله تعالى: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ * ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } تفخيم لأمر ذلك اليوم وتعظيم لشأنه. أي: أيُّ شيء أعلمك به؟ أي: أنت لا تدريه مع أنه من أوجب ما تهم درايته والبحث عنه. والخطاب للإنسان المتقدم أول السورة.

ثم فسر تعالى بعض شأنه بقوله: { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً } أي: من دفع ضُرّ أو كشف هَمّ { وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } أي: أمر الملك الظاهر، ونفوذ القضاء القاهر، يومئذ لله وحده. لاضمحلال الممالك وذهاب الرياسات.

قال الرازي: وهو وعيد عظيم، من حيث إنه عرفهم أنه لا يغني عنهم إلا البر والطاعة يومئذ، دون سائر ما كان قد يغني عنهم في الدنيا، من مال وولد وأعوان وشفعاء.