الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } * { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } * { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ }

{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } أي: أزيلت من مكانها، وأُلقيت عن فَلَكها، ومُحي ضوؤها { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } أي: تناثرت وانقضت { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } أي: رُفعت عن وجه الأرض، ونسفت من أثر الرجفة والزلزال الذي قطع أوصالها { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } أي: تُركت مهملة لا راعي لها ولا طالب. والعشار جمع عُشَرَاء: وهي الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر. وخصها؛ لأنها أنفس أموالهم. أي: فإذا هذه الحوامل التي يتنافس فيها أهلها أهملت، فتركت من شدة الهول النازل بهم، فكيف بغيرها؟ { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } أي: جمعت من كل جانب واختلطت، لما دهم أَوْكارها ومكامنها من الزلزال والتخريب، فتخرج هائمة مذعورة من أثر زلزال الأرض وتقطع أوصالها { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } أي: ملئت بتفجير بعضها إلى بعض، حتى تعود بحرا واحداً. من (سجر التنورَ) إذا ملأه بالحطب. كقوله:وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } [الأنفطار: 3] وقيل: المعنى: تأججت ناراً. قال القفال: يحتمل أن تكون جهنم في قعور البحار, فهي الآن غير مسجورة لقوام الدنيا. فإذا انتهت مدة الدنيا، أوصل الله تأثير تلك النيران إلى البحار، فصارت بالكلية مسجورة بسبب ذلك. وأوضحه الإمام بقوله: وقد يكون تسجيرها إضرامها ناراً. فإن ما في بطن الأرض من النار يظهر إذ ذاك بتشققها وتمزق طبقاتها العليا، أما الماء فيذهب عند ذلك بخاراً ولا يبقى في البحار إلا النار. أما كون باطن الأرض يحتوي على نار فقد ورد به بعض الأخبار. ورد أن " البحر غطاء جهنم " ، وإن لم يعرف في صحيحها. ولكن البحث العلمي أثبت ذلك. ويشهد عليه غليان البراكين وهي جبال النار. انتهى.

قال الرازي: واعلم أن هذه العلامات الستة يمكن وقوعها في أول زمان تخريب الدنيا. ويمكن وقوعها أيضاً بعد قيام القيامة. وليس في اللفظ ما يدل على أحد الاحتمالين. أما الستة الباقية فإنها مختصة بالقيامة. انتهى.

{ وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } أي: قرنت الأرواح بأجسادها، أو ضمت إلى أشكالها في الخير والشر، وصُنِّفَتْ أصنافا ليحشر كل إلى من يجانسه من السعداء والأشقياء.

{ وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } يعني: البنات التي كانت طوائفُ العرب يقتلونهن. قال السيد المرتضى في (أماليه): الموءودة: هي المقتولة صغيرة. وكانت العرب في الجاهلية تئد البنات، بأن يدفنوهنَّ أحياءً، وهو قوله تعالى:أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي ٱلتُّرَابِ } [النحل: 59] وقوله تعالى:قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوۤاْ أَوْلَٰدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ } [الأنعام: 140]. ويقال: إنهم كانوا يفعلون ذلك لأمرين: أحدهما: أنهم كانوا يقولون إن الإناث بنات الله. فَأَلْحِقُوا البنات بالله فهو أحق بها منا. والأمر الآخر: أنهم كانوا يقتلونهن خشية الإملاق. قال الله تعالى:وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ } [الأنعام: 151] الآية: قال المرتضى: وجدت أبا علي الجبائيّ وغيره يقول: إنما قيل لها موءودة لأنها ثقلت بالتراب الذي طرح عليها حتى ماتت.

السابقالتالي
2 3 4 5