الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ } أي: من مكة إلى المدينة لنصر الله ورسوله { وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي: في طاعته { وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ } أي: وطنوا المهاجرين وأنزلوهم منازلهم وبذلوا إليهم أموالهم، وآثروهم على أنفسهم، ونصروهم على أعدائهم { أُوْلَـٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } أي: يتولّى بعضهم بعضاً في النصرة والمظاهرة، ويقوم مقام أهله ونفسه، ويكون أحق به من كل أحد؛ ولهذا آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار.

قال ابن إسحاق: وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال فيما بلغنا: " " تآخوا أخوين أخوين " ، ثم أخذ بيد عليّ بن أبي طالب فقال: " هذا أخي " " وكان حمزة بن عبد المطلب أسد الله، وأسد رسوله وعمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وزيد بن حارثة مولى النبيّ صلى الله عليه وسلم أخوين. وإليه أوصى حمزة يوم (أُحدُ) حين حضره القتال إن حدث به حادث الموت. وجعفر ذو الجناحين الطيار في الجنة ومعاذ بن جبل أخوين، وأبو بكر الصديق وخارجة بن زيد أخوين، وعمر بن الخطاب وعتبان بن مالك أخوين. وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن معاذ أخوين. وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع أخوين. والزبير بن العوام وسلمة بن سلامة أخوين، أو عبد الله بن مسعود. وعثمان بن عفان وأوس بن ثابت أخوين. وطلحة بن عبيد الله وكعب بن مالك أخوين. وسعيد بن زيد وأبيّ بن كعب أخوين. ومصعب بن عمير وأبو أيوب الأنصاريّ أخوين. وأبو حذيفة وعباد بن بشر أخوين. وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان أخوين. وأبو ذرّ الغفاري والمنذر بن عَمْرو أخوين. وسلمان الفارسيّ وأبو الدرداء أخوين. وحاطب بن أبي بلتعة وعويم بن ساعدة أخوين. وبلال الحبشيّ وأبو رويحة الخثعميّ أخوين.

ولما خرج بلال إلى الشام، وأقام فيها مجاهداً، قال له عمر: إلى من نجعل ديوانك؟ قال: مع أبي رويحة، لا أفارقه أبداً، للأخوّة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد بينه وبيني. فضُمَّ إليه، وضم ديوان الحبشة إلى خثعم، لمكان بلال منهم.

قال ابن إسحاق: فهؤلاء من سمى لنا ممن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بينهم من أصحابه.

تنبيه

نقل الواحديّ عن ابن عباس وغيره، أن المراد من هذه الولاية، هي الولاية في الميراث. قال ابن كثير: لما تآخوا كانوا يتوارثون بذلك إرثاً مقدماً على القرابة، حتى نسخ الله ذلك بالمواريث، ثبت ذلك في صحيح البخاريّ عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة وغير واحد.

قال الخفاجي: فكان المهاجريّ يرثه أخوه الأنصاريّ، إذا لم يكن له بالمدينة وليّ مهاجريّ، ولا توارث بينه وبين قريبه المسلم غير المهاجريّ.

السابقالتالي
2 3