الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }

{ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً } أي: فخراً بالشجاعة { وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ } أي: طلباً للثناء بالسماحة والشجاعة { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } أي: لا تكونوا كأبي جهل وأصحابه، وقد أتاهم رسول أبي سفيان، وهم بالجحفة: أن ارجعوا، فقد سلمت عيركم، فأبوا، وقالوا: لا نرجع حتى نأتي بدراً، فننحر بها الجزر، ونسقي به الخمر، وتعزف علينا فيه القيان، وتسمع بنا العرب. فذلك بطرهم ورئاؤهم الناس بإطعامهم. فوافوها، فَسُقُوا كؤوس المنايا مكان الخمر، وناحت عليهم النوائح مكان القيان، أي: لا يكن أمركم رياء ولا سمعة ولا التماس ما عند الناس، وأخلصوا لله النية والحسبة، في نصر دينكم، ومؤازرة نبيكم، لا تعملوا إلا لذلك، ولا تطلبوا غيره. و(الرئاء) مصدر (راءي)، إذا أظهر العمل للناس ليروه غفلة عن الخالق، وقد يقال راياه مراياة ورياء، على القلب. و { بَطَراً وَرِئَآءَ } إما مفعول من أجله، أو مصدر في موضع الحال. و { وَيَصُدُّونَ } إما حال، بتأويل اسم الفاعل، أو بجعله مصدر فعل هو حال، وإما مستأنف. ونكتة التعبير بالإسم أولاً ثم الفعل، الإعلام بأن البطر والرياء دأبهم، بخلاف الصد فإنه تجدد لهم في زمن النبوة.