الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }.

روى البخاري عن ابن عباس أن سورة الأنفال نزلت في بدر.

وروى الإمام أحمد عن عُبَادَة بن الصامت قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشهدت معه بدراً، فالتقى الناس، فهزم الله تعالى العدوّ، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون، وأقبلت طائفة على العسكر يحوزونه ويجمعونه. وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدوُّ منه غرة، حتى إذا كان الليل، وفاء الناس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها وجمعناها، فليس لأحد فيها نصيب. وقال الذين خرجوا في طلب العدوّ: لستم بأحق به منا، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم. وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: لستم بأحق بها منا، نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وخفنا أن يصيب العدو منه غرة، واشتغلنا به، فنزلت: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ؟... } الآية - فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على فُواقٍ من المسلمين.

وهذا الحديث رواه الترمذيّ أيضاً وحسنه، ورواه ابن حيان في صحيحه، وصححه الحاكم. ولفظ ابن إسحاق عن عبادة قال: فينا، أصحاب بدر، نزلت، حين اختلفنا في النفل، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا، فجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين على السواء.

وروى أبو داود والنسائيّ وابن حبان والحاكم عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صنع كذا وكذا فله من النّفل كذا وكذا " فتسارع في ذلك شبّان القوم، وبقي الشيوخ تحت الرايات. فلما كانت المغانم، جاؤوا يطلبون الذي جعل لهم، فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا، فإنا كنا رِدْءاً لكم، لو انكشفتم لثُبتُم إلينا. فتنازعوا، فأنزل الله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ... } الآية - وهذا مما يفيد أن التشاجر كان متنوعاً، وأن الآية نزلت لفصله.

والأنفال: هي المغانم، جمع (نَفَل) محركة، وهو الغنيمة. أي كل نيل ناله المسلمون من أموال أهل الحرب. قال ابن تيمية: سميت بذلك، لأنها زيادة في أموال المسلمين. أي: لأن النفل يطلق على الزيادة، كما في (التاج)، ومنه النافلة لصلاة التطوع لزيادتها على الفريضة.

وقوله تعالى: { قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ } قال المهايميّ: أي: ليست هي في مقابلة الجهاد، وإنما مقابله الآجر الأخرويّ، وهذه زائدة عليه، خرجت عن ملك المشركين فصارت ملكاً خالصاً لله ولرسوله. والرسول خليفة يعطيها، على ما أراه الله، من يشاء، ولما أطلق له صلى الله عليه وسلم الحكم فيها.

السابقالتالي
2 3