الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً }

{ إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ } أي: سبيل الخير والشر والنجاة والهلاك. أي: عرفناه وبينا له ذلك، بأدلة العقل والسمع { إِمَّا شَاكِراً } أي: بالاهتداء والأخذ فيه { وَإِمَّا كَفُوراً } أي: بالإعراض عنه. ونصبهما بـ (يكون) مقدرة. أي: ليكون إما شاكراً وإما كفوراً. أي: ليتميز شكره من كفره، وطاعته من معصيته. كقوله:لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [الملك: 2].

قال الرازي قال القفال: ومجاز هذه الكلمة على هذا التأويل قول القائل: قد نصحت لك، إن شئت فاقبل وإن شئت فاترك. أي: فإن شئت فتحذف الفاء. فكذا المعنى { إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ } فإما شاكرا وإما كفوراً. فتحذف الفاء. وقد يحتمل أن يكون ذلك على جهة الوعيد. أي: إنا هديناه السبيل فإن شاء فليكفر، وإن شاء فليشكر. فإنا أعتدنا للكافرين كذا وللشاكرين كذا. كقوله:وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ } [الكهف: 29] انتهى.

لطيفة

قال في (النهر): لما كان الشكر قلّ من يتصف به قال: (شاكراً) ولما كان الكفر كثيراً من يتصف به ويكثر وقوعه من الإنسان بخلاف الشكر قال: { كَفُوراً } بصيغة المبالغة. انتهى.

وهذا ألطف من القول بمراعاة رؤوس الآي.