الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَمَا لَهُمْ عَنِ ٱلتَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ } * { كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ } * { فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ } * { بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } * { كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ ٱلآخِرَةَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ } * { فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } * { وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ }

{ فَمَا لَهُمْ عَنِ ٱلتَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ } أي: فما لهؤلاء المشركين عن تذكرة الله إياهم بهذا القرآن معرضين لا يستمعون لها، فيتعظوا ويعتبروا. { كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ } أي: كأنهم في الإعراض عن الذكرى وبلادة قلوبهم، حمر شديدة النفار. { فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ } أي: أسد، أو عصبة قنص من الرماة. { بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } أي: ينزل عليه كتاب كما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم. ونحوه آيةوَإِذَا جَآءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِ } [الأنعام: 124] وآيةوَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ } [الإسراء: 93] وآيةوَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَٰباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ... } [الأنعام: 7] الآية.

{ كَلاَّ } أي: لا يكون مرادهم، ولا يتبع الحق أهوائهم. أو ليس إرادتهم تلك للرغبة في الإيمان، فقد جاءهم ما يكفيهم عن اقتراح غيره، وإنما هم مردة الداء، ولذا قال: { بَل لاَّ يَخَافُونَ ٱلآخِرَةَ } أي: لا يؤمنون بالبعث والجزاء، ولا يخشون العقاب؛ لإيثارهم العاجلة. أي: فذلك الذي دعاهم إلى الإعراض عن تذكرة الله، والإباء عن الإيمان بتنزيله. { كَلاَّ } ردع عن إعراضهم { إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } أي: فاتعظ وعمل بما فيه من أمر الله ونهيه. { وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } أي: ذكرهم واتعاظهم، لأنه لا حول ولا قوة إلا به سبحانه. وفيه ترويح لقلبه صلوات الله عليه، مما كان يخامره من إعراضهم، ويحرص عليه من إيمانهم. { هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ } أي: حقيق بأن يتقي عقابه، ويؤمن به ويطاع. { وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ } أي: حقيق بأن يغفر لمن آمن به وأطاعه.