الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } * { إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ } * { فِي جَنَّاتٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } * { قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ } * { وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ } * { وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ } * { وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { حَتَّىٰ أَتَانَا ٱلْيَقِينُ } * { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ ٱلشَّافِعِينَ }

{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } أي: مرهونة ومحبوسة به عند الله تعالى. { إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ } أي: فإنهم فكوا رقابهم بما أطابوه من كسبهم، كما يخلص الراهن رهنه بأداء الحق. { فِي جَنَّاتٍ } أي: هم في جنات لا يدرك وصفها { يَتَسَآءَلُونَ * عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ } أي: يسألون عنهم. وإيثار صيغة التفاعل للتكثير. ومنه (دعوته وتداعيناه).

قال القاشاني: أي: يسأل بعضهم بعضاً عن حال المجرمين، لاطلاعهم عليها، وما أوجب تعذيبهم وبقاءهم في سقر، فأجاب المسؤولون بأنا سألناهم عن حالهم بقولنا:

{ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُواْ } أي: بلسان الحال أو المقال { لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } أي: كنا موصوفين بهذه الرذائل من اختيار الراحات البدنية، ومحبة المال، وترك العبادات البدنية، والخوض في الباطل، والهزء والهذيان، والتكذيب بالجزاء، وإنكار المعاد. { حَتَّىٰ أَتَانَا ٱلْيَقِينُ } أي: الموت، فرأينا به ما كنا ننكره عياناً. { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ ٱلشَّافِعِينَ } أي: من نبيّ أو ملَك، لو قدر على سبيل فرض المحال، لأنهم غير قابلين لها. فلا إذن في الشفاعة لذلك. فلا شفاعة، فلا تنفع.

قال ابن جرير: أي: فما يشفع لهم الذين شفعهم الله في أهل الذنوب من أهل التوحيد، فتنفعهم شفاعتهم. وفي هذه الآية دلالة واضحة على أن الله تعالى ذكره، مشفِّع بعض خلقه في بعض.