الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }

{ تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }

قال ابن جرير: أي: تصعد الملائكة والروح، وهو جبريل، إليه عز وجل، في يوم كان مقدار صعودهم ذلك، في يوم لغيرهم من الخلق: خمسين ألف سنة. وذلك أنها تصعد من منتهى أسفل الأرض، إلى منتهى أمره من فوق السماوات السبع.

وقيل: بل معناه تعرج الملائكة والروح إليه في يوم يفرغ فيه من القضاء بين خلقه، كان قدر ذلك اليوم الذي فرغ فيه من القضاء بينهم قدر خمسين ألف سنة.

وقد قيل: إن { فِي يَوْمٍ } متعلق بـ (واقع). والمراد به يوم القيامة.

فعن ابن عباس: هو يوم القيامة، جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة. والمقدار المذكور إما حقيقي، أو مجاز عن الاستطالة.

قال الشهاب: وهكذا زمان كل شدة، كما قيل:
تمتع بأيام السرورِ فإنها   قِصَارٌ، وأيام الغُمُوم طِوَالُ
ونقل الرازي عن أبي مسلم أن هذا اليوم هو يوم الدنيا كلها، من أول ما خلق الله إلى آخر الفناء. فبين تعالى أنه لا بد في يوم الدنيا من عروج الملائكة ونزولهم، وهذا اليوم مقدر بخمسين ألف سنة. ثم لا يلزم على هذا أن يصير وقت القيامة معلوماً، لأنا لا ندري كم مضى وكم بقي. انتهى. وهو بعيد، وهذه الآية كآيةيُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [السجدة: 5] ولا منافاة في التقدير؛ لأن المعني به الاستطالة، لشدته على الكفار، أو لكثرة ما فيه من الحالات والمحاسبات. والقرآن يفسر بعضه بعضاً - والله أعلم.