الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } * { وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ } * { لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } * { وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ } * { إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } * { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } * { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } * { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ } * { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ }

{ إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ * ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } أي: مقيمون، لا يضيعون منها شيئاً. { وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } أي: المتعفف الذي أدبرت عنه الدنيا، فلا يسأل الناس. وقيل: الذي لا ينمي له مال. وقيل: المصاب ثمره، أخذاً من قول أصحاب الجنة في السورة قبلبَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } [القلم: 27] واللفظ أعم من ذلك كله.

وقد روى ابن جرير عن ابن عمر أنه سئل عن الحق المعلوم أهو الزكاة؟ فقال: إن عليك حقوقا سوى ذلك.

ومثله عن ابن عباس قال: هو سوى الصدقة، يصل بها رحما، أو يقري بها ضيفا، أو يحمل بها كلاّ، أو يعين بها محروماً.

وعن الشعبي: أن في المال حقاً سوى الزكاة.

{ وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } أي: الجزاء. { وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ } قال ابن جرير: أي: وَجِلون أن يعذبهم في الآخرة، فهم من خشية ذلك لا يضيعون له فرضاً، ولا يتعدون له حداً. { إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } أي: أن ينال من عصاه، وخالف أمره. { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } أي: لغلبة ملك الصبر، وامتلاك ناصيته. { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ } قال ابن جرير: أي: التمس لفرجه منكحاً سوى زوجته، أو ملك يمينه.. { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } أي: الذين عدوا ما أحل الله لهم، إلى ما حرمه عليهم. { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } قال ابن جرير: أي: لأمانات الله التي ائتمنهم عليها من فرائضه، وأمانات عباده التي ائتمنوا عليها، وعهوده التي أخذها عليهم بطاعته فيما أمرهم به ونهاهم، وعهود عباده التي أعطاهم، على ما عقده لهم على نفسه راعون، يرقبون ذلك ويحفظونه فلا يضيعونه. { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ } أي: لا يكتمون ما استشهدوا عليه، ولكنهم يقومون بأدائها حيث يلزمهم أداؤها، غير مغَيّرة ولا مبدلة. { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } أي: لا يضيعون لها ميقاتاً ولا حداً. قيل: الحفظ عن الضياع، استعير للإتمام والتكميل للأركان والهيئات؛ ولذا قال القاضي: تكرير ذكر الصلاة ووصفهم بها أولاً وآخراً، بآعتبارين: للدلالة على فضلها، وإنافتها على غيرها.

{ أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } أي: بثواب الله تعالى، لاتصافهم بمكارم الأخلاق.