{ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا } استئناف لبيان ابتلائهم بشؤم قولهم{ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ } [الأعراف: 88] وعقوبتهم بمقابلته. والموصول مبتدأ، وخبره جملة { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا } أي: استؤصلوا بالمرة، وصاروا كأنهم، لما أصابتهم النقمة، لم يقيموا بديارهم التي أرادوا إجلاء الرسول وصحبه منها. ثم قال تعالى مقابلاً لقِيلهم السابق: { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ ٱلْخَاسِرِينَ } ديناً ودنيا، لا الذين صدقوه واتبعوه، كما زعموا. قال أبو السعود: استئناف آخر لبيان ابتلائهم بعقوبة قولهم الأخير. وإعادة الموصول والصلة كما هي، لزيادة التقرير، والإيذان بأن ما ذكر في حيّز الصلة، هو الذي استوجب العقوبتين، أي: الذين كذبوه عليه السلام، عوقبوا بمقالتهم الأخيرة، فصاروا هم الخاسرين، لا المتبعون له، وبهذا القصر اكتفى عن التصريح بإنجائه عليه الصلاة والسلام، كما وقع في سورة هود من قوله تعالى:{ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } [هود: 94]. وقال الزمخشريّ: في هذا الإستئناف والإبتداء وهذا التكرير، مبالغة في ردّ مقالة الملأ لأشياعهم، وتسفيه لرأيهم، واستهزاء بنصحهم لقومهم، واستعظام لما جرى عليهم. وفي (العناية): أن من عادة العرب الإستئناف من غير عطف، في الذم والتوبيح، فيقولون: أخوك الذي نهب مالنا، أخوك الذي هتك سترنا - انتهى.