الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ }

{ فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ } أي: نحروها، والعقر: الجرح، وأثر كالحز في قوائم الفرس والإبل يقال: عقره بالسيف يعقره بالكسر، وعقّره تعقيراً، قطع قوائمه بالسيف وهو قائم.

قال الأزهري: العقر عند العرب: كشف عرقوب البعير، ثم يجعل النحر عقراً؛ لأن ناحر الإبل يعقرها، ثم ينحرها. وفي اللسان: عقّر الناقة وعقّرها، إذا فعل بها ذلك حتى تسقط، فينحرها مستمكناً منها، أي: لئلا تشرد عند النحر. وفي الحديث: " لا عقر في الإسلام ".

قال ابن الأثير: كانوا يعقرون الإبل على قبور الموتى، أي: ينحرونها ويقولون إن صاحب القبر كان يعقر للأضياف أيام حياته، فنكافئه بمثل صنيعه بعد وفاته. كذا في (تاج العروس).

وأسند العقر إلى جميعهم؛ لأنه كان برضاهم، وإن لم يباشره إلا بعضهم. وقد يقال للقبيلة الضخمة: أنتم فعلتم كذا وما فعله إلا واحد منهم. كذا في (الكشاف).

قال أبو السعود: وفيه من تهويل الأمر وتفظيعه، بحيث أصابت غائلته الكل، ما لا يخفى.

{ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ } أي: استكبروا عن امتثاله، وهو عبادته وحده، أو الحذر من مسّ الناقة بسوء. وزادوا في الاستهزاء: { وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ } أي: من العذاب على عقر الناقة. والأمر للإستعجال لأنهم يعتقدون أنه لا يتأتى ذلك، ولذا قالوا: { إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } أي: فإن الله ينصر رسله على أعدائه.