{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ } أي: ما ينتظرون إلا ما يؤول إليه أمره، من تبيّن صدقه، بظهور ما نطق به من الوعد والوعيد. قال الشهاب: (فالنظر) هنا بمعنى (الانتظار) لا بمعنى الرؤية. والتأويل بمعنى العاقبة، وما يقع في الخارج، وهو أصل معناه، ويطلق على التفسير أيضاً، والمعنى: أنهم قبل وقوع ما هو محقق، كالمنتظرين له؛ لأن كل آت قريب، فهم على شرف ملاقاة ما وعدوا به، فلا يقال: كيف ينتظرونه مع جحدهم؟ فإنهم وإن جحدوه، إلا أنهم بمنزلة المنتظرين وفي حكمهم، من حيث إن تلك الأحوال تأتيهم لا محالة { يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } يعني: يوم القيامة؛ لأنه يوم الجزاء، وما تؤول إليه أمورهم { يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ } أي: تركوه ترك المنسيّ، حين كان ينفعهم الذكر، فلم يؤمنوا به عند معاينة العذاب { قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ } أي: بما هو واقع من الاعتقادات والوعد والوعيد { فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ } في إزالة العذاب { أَوْ نُرَدُّ } إلى مكان العمل { فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } من الجحود واللهو واللعب وأعمال الدنيا. قال عز وجل: { قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } بصرف أعمالهم في الكفر { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي: ذهب عنهم ما كانوا يفترون من أن معبوديهم شفعاؤهم عند الله، وعلموا أنهم كانوا في دعواهم كاذبين. ولما قدم سبحانه ذكر الكفار وعبادتهم غيره، سبحانه، احتج عليهم، مبيناً بأفعاله أنه لا معبود سواه بقوله: { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ... }.