الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ }

{ وَإِخْوَانُهُمْ } يعني وأما إخوان الشياطين من شياطين الإنس. كقوله:إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ } [الإسراء: 27] وهم الذين لم يتقوا، فلم يتأت لهم التذكر، ولا ينفع فيهم الإستعاذة؛ لأن الشياطين { يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ } أي: يكونون مدداً لهم بتكثير الشبه والتزيين والتسهيل في الضلال، يعني: تساعدهم الشياطين على المعاصي، وتسهلها عليهم وتحسنها لهم { ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } أي: لا يمسكون عن إغوائهم، حتى يصرُّوا ولا يرجعوا. يعني: أن الشياطين يمدون أولياءهم من الإنس، ولا يسأمون من إمدادهم من الشر؛ لأن ذلك طبيعة لهم وسجية. وجوز عود الضمير لـ (لإخوان)، أي: لا يرعوون عن الغي ولا يقصرون، وإن بولغ عليهم في الوعظ بآيات الله، وإقامة الدلائل، ورفع الشبه، وغير ذلك. وجوز أيضاً أن يراد أيضاً بـ (الإخوان) الشياطين، ويرجع الضمير إلى: (الْجَاهِلينَ) أي: وإخوان الجاهلين، وهم الشياطين، يمدون الجاهلين في الغيّ.

قال الزمخشريّ: والأول أوجه؛ لأن إخوانهم في مقابلةٱلَّذِينَ ٱتَّقَوا } [الأعراف: 201].

ثم بيّن تعالى، من أنواع إغوائهم، لجاجهم في طلب آيات معينة، وتعنتهم في اقتراحها، مع أن لديهم المعجزة العظمى، والخارقة الكبرى، وهي القرآن الكريم، فقال سبحانه:

{ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ ٱجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا... }.