الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

{ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً } أي: لا أقدر، لأجل نفسي، على جلب نفعٍ ما، ولا على دفع ضرٍ ما { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } أي: تمليكه لي من ذلك، بأن يلهمنيه، فيمكنني منه، ويقدرني عليه. وهذا كقوله تعالى في سورة يونس:وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ } [يونس: 48-49] { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ } أي: النفع، بترتيب أسبابه، فكنت مثلاً أعد للسنة المجدبة من المخصبة، ولوقت الغلاء من الرخص { وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ } أي: الضر، للتوقي عن أسبابه { إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } أي: عبد أرسلتُ نذيراً وبشيراً، وما من شأني أني أعلم الغيب. وقوله تعالى: { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يجوز أن يتعلق بـ { نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } جميعاً؛ لأن المؤمنين هم المنتفعون بالنذارة والبشارة، أو يتعلق بـ { بَشِيرٌ } وحده، ومتعلق النذير محذوف، أي: للكافرين، وحذف للعلم به. وقال الشهاب: ليطهر اللسان منهم. ثم بيّن تعالى عظم جناية الكفرة في جراءتهم على الإشراك، بتذكير مبادئ أحوالهم المنافية له، بقوله سبحانه:

{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا... }.