الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } روى مقاتل أن رجلاً دعا الله في صلاته، ودعا الرحمن، فقال بعض المشركين: إن محمداً وأصحابه يزعمون أنهم يعبدون رباً واحداً، فما بال هذا يدعو اثنين؟ فنزلت الآية. و { ٱلْحُسْنَىٰ } تأنيث (الأحسن). والمعنى: لله الأسماء التي هي أحسن الأسماء وأجلها، لإنبائها عن أحسن المعاني وأشرفها { فَٱدْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ } أي: يميلون عن الإقرار بها ويجحدونها، ويعدلون عنها كفراً بها. كقوله تعالى:وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً } [الفرقان: 60] أي: زادهم ذكر الرحمن نفوراً، ولذا قال تعالى:قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ } [الإسراء: 110].

وقوله تعالى: { سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } يعني: في الآخرة، من جحدهم إياها ونفورهم عن الإيمان بها.

تنبيهات

الأول: قال السيد محمد بن المرتضى اليمانيّ في (إيثار الحق): مقام معرفة كمال هذا الرب الكريم. وما يجب له من نعوته وأسمائه الحسنى، من تمام التوحيد، الذي لا بد منه، لأن كمال الذات بأسمائها الحسنى، ونعوتها الشريفة. ولا كمال لذات لا نعت لها ولا اسم. ولذلك عدّ مذهب الملاحدة في مدح الرب بنفيها، من أعظم مكائدهم للإسلام. فإنهم عكسوا المعلوم عقلاً وسمعاً، فذموا الأمر المحمود، ومدحوا الأمر المذموم، القائم مقام النفي والجحد المحض. وضادوا كتاب الله ونصوصه الساطعة. قال الله جل جلاله: { وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ... } الآية وقال:قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ... } [الإسراء: 110] - فما كان منها منصوصاً في كتاب الله، وجب الإيمان به على الجميع، والإنكار على من جحده، أو زعم أن ظاهره اسم ذم لله سبحانه. وما كان في الحديث وجب الإيمان به على من عرف صحته. وما نزل عن هذه المرتبة، أو كان مختلفاً في صحته، لم يصح استعماله. فإن الله أجل من أن يسمى باسم لم يتحقق أنه تسمى به. انتهى.

الثاني: روى الشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لله تسعة وتسعين اسماً، من حفظها دخل الجنة، والله وتْرٌ يحب الوتر " ، وفي رواية: " من أحصاها " قال البخاري: أحصيناه: حفظناه. وأخرجه الترمذي وزاد سوق الأسماء معدودة.

ثم قال: ولا نعلم في كثير من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث. ورواه ابن ماجة أيضاً. فسرد الأسماء بزيادة ونقصان.

قال الحافظ ابن كثير: والذي عول عليه جماعة من الحفاظ؛ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه، وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك بن محمد الصنعانيّ عن زهير بن محمد أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك.

السابقالتالي
2 3