{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ } أي: القيامة، وهي الكرَّة الثانية، سميت (آخرة) لتأخرها عن الدنيا { حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } أي: بطلت، فلم تعقب نفعاً، والمراد جزاء أعمالهم؛ لأن الحابط إنما يصح في المنتظر، دون ما تقضَّى، وهذا كقوله:{ لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } [الزلزلة: 6] { هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي: إلا جزاء عملهم من الكفر والمعاصي. تنبيه ذهب بعضهم إلى قوله تعالى:{ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي... } [الأعراف: 146] إلخ كلام مع قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متصل بما سبق من قصصهم، وهو:{ أَوَلَمْ يَهْدِ... } [السجدة: 26] إلخ. وإيراد قصة موسى وفرعون للإعتبار. وقال الكعبيّ وأبو مسلم الأصفهانيّ: إن هذا كلام تمام لما وعد الله موسى عليه السلام به من إهلاك أعدائه، ومعنى صرفهم: إهلاكهم، فلا يقدرون على منع موسى من تبليغها، ولا على منع المؤمنين من الإيمان بها، وهو شبيه بقوله:{ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } [المائدة: 67]، فأراد تعالى أن يمنع أعداء موسى عليه السلام من إيذائه، ومنعه من القيام بما يلزمه في تبليغ النبوة والرسالة. انتهى. والله أعلم.