{ وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ } قال الزمخشري: يعني أنهم من شدة تحديقهم، ونظرهم إليك شزراً، بعيون العداوة والبغضاء، يكادون يُزَلّون قدمك، أو يهلكونك من قولهم: (نظر إلي نظراً يكاد يصرعني، ويكاد يأكلني، أي: لو أمكنه بنظره الصرع أو الأكل، لفعله. قال:
يتقارضون، إذا التقوا في موطن
نظراً يُزِلّ مواطئ الأقدام
وأنشد ابن عباس - وقد مرّ بأقوام حددوا النظر إليه:
نظروا إليّ بأعين محمرةٍ
نظر التيوس إلى شِفَارِ الجازِرِ
وبيّن تعالى أن هذا النظر كان يشتد منهم في حال قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم للقرآن، وهو قوله تعالى: { لَمَّا سَمِعُواْ ٱلذِّكْرَ } أي: القرآن معاداة لحكمته. { وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ } أي: من الهذيان الذي يهذي به في جنونه؛ لعدم تمالك أنفسهم من الحسد منه، والتنفير عنه. { وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } أي: عظة وحكمة وتذكير وتنبيه لهم، على ما في عقولهم وفطرهم من التوحيد. فكيف يجنن من جاء بمثله؟ وبالله التوفيق.