الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ } * { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ }

{ وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي: مع كونهم أشد منهم عدداً وعُدداً { فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ } أي: نكيري تكذيبهم. وذلك بإنزال العذاب بهم، ودحر باطلهم.

قال القاضي: هو تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم، وتهديد لقومه المشركين { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰفَّـٰتٍ } أي: باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها، { وَيَقْبِضْنَ } أي: ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن، وقت، للاستظهار. ولتجدده عبر عنه بالفعل، إشارة إلى أنه أمر طارئ على الصف. يفعل في بعض الأحيان للتقوّى بالتحريك. كما يفعله السابح في الماء، يقيم بدنه أحياناً، بخلاف البسط والصف فإنه الأصل الثابت في حالة الطيران، ولذا اختير له الاسم.

{ مَا يُمْسِكُهُنَّ } أي: في الجو { إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ } أي: المفيض لكل ما قدر له، حسب استعداده بسعة رحمته. ومنه ما دبر للطيور من بنية يتأتى منها الجري في الجو.

{ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ } قال القاشاني: أي: فيعطيه ما يليق به، ويسويه بحسب مشيئته، ويودع فيه ما يريده بمقتضى حكمته، ثم يهديه إليه بتوفيقه.

ثم بكّت تعالى المشركين، بنفي أن يكون لهم ناصر غيره سبحانه، بقوله:

{ أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ... }.