الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ } قال ابن كثير: أي: أموال الناس الأجانب، فأما إذا كان الزوج معسراً في نفقتها، فلها أن تأكل من ماله بالمعروف ما جرت به عادة أمثالها، وإن كان من غير علمه عملاً بحديث هند بنت عتبة أنها قالت: " يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ، فهل عليَّ جناح إن أخذت من ماله بغير علمه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك " - أخرجاه في الصحيحين.

{ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ } قال الزمخشري: يريد وأد البنات.

وقال ابن كثير: هذا يشمل قتله بعد وجوده، كما كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الإملاق، ويعمّ قتله وهو جنين كما قد يفعله بعض الجاهلات من النساء تطرّح نفسها لئلا تحبل، إما لغرض فاسد أو ما أشبهه.

{ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ } قال ابن عباس: أي لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم. وأوضحه الزمخشريّ بقوله: كانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها: هو ولدي منك. كني بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها عن الولد الذي تلصقه بزوجها كذباً، لأن بطنها الذي تحمله فيه بين اليدين، وفرجها الذي تلده به بين الرجلين، فهو غير الزنا، فلا تكرار فيه.

وقال الشهاب: في شرح البخاريّ للكرمانيّ معناه: لا تأتوا ببهتان من قبل أنفسكم. واليد والرجل كناية عن الذات؛ لأن معظم الأفعال بهما. ولذا قيل للمعاقب بجناية قولية: هذا ما كسبت يداك. أو معناه: لا تنشؤه من ضمائركم وقلوبكم؛ لأنه من القلب الذي مقره بين الأيدي والأرجل. والأول كناية عن إلقاء البهتان من تلقاء أنفسهم، والثاني عن كونه من دخيلة قلوبهم المبنية عن الخبث الباطنيّ.

وقال الخطابي: معناه لا تبهتوا الناس كفاحاً ومواجهة، كما يقال للآمر بحضرتك: إنه بين يديك. وردّ بأنهم وإن كنوا عن الحاضر بكونه بين يديه، فلا يقال: بين أرجله. وهو وارد لو ذكرت الأرجل وحدها. أما مع الأيدي تبعاً فلا. فالمخطئ مخطئ وهو كناية عن خرق جلباب الحياء. والمراد: النهي عن القذف، ويدخل فيه الكذب والغيبة. انتهى.

{ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ } أي: من أمر الله تأمرهن به.

قال في النهاية: المعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله، والإحسان إلى الناس، وكل ما أمر به الشرع ونهى عنه.

{ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي: فبايعهن على الوفاء بذلك، وسل الله لهن مغفرة ذنوبهن والعفو عنها، فإنه غفور رحيم لمن تاب منها.

تنبيهات

الأول: روى البخاريّ عن عائشة

السابقالتالي
2