الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ }

{ فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً } أي: طالعاً منتشر الضوء { قَالَ هَـٰذَا رَبِّي } على الأسلوب المتقدم { فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } فإن ما رأيته لا يليق بالإلهية لدناءته بمحوه.

قال الزمخشريّ: وفيه تنبيه لقومه على أن من اتخذ القمر إلهاً، وهو نظير الكواكب في الأفول، فهو ضال. وأن الهداية إلى الحق بتوفيق الله تعالى ولطفه.

وفي (الانتصاف): التعريض بضلالهم ثانياً أصرح وأقوى من قوله أولاًلاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } [الأنعام: 76] وإنما ترقى إلى ذلك؛ لأن الخصوم قد أقامت عليه، بالاستدلال الأول، حجة فأنسوا بالقدح في معتقدهم، ولو قيل هذا في الأول فلعلهم كانوا ينفرون، ولا يصغون إلى الاستدلال. فما عرَّض صلوات الله عليه بأنهم في ضلالة، إلا بعد أن وثق بإصغائهم إلى تمام المقصود، واستماعهم إلى آخره. والدليل على ذلك أنه ترقى في النوبة الثالثة إلى التصريح بالبراءة منهم، والتقريع بأنهم على شرك حين تمَّ قيام الحجة، وتبلَّج الحقُّ، وبَلَغَ من الظهور غاية المقصود. كما قال تعالى:

{ فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ... }.