الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ فِي ٱلأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى ٱئْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا } أي: أنعبد من دونه ما لا يقدر على نفعنا، إن دعوناه، ولا ضرنا إن تركناه، { وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا } عطف على (ندعو)، داخل في حكم الإنكار والنفي. أي: ونرد إلى الشرك. والتعبير عنه بالرد على الأعقاب - لزيادة تقبيحه بتصويره بصورة ما هو عَلَمٌ في القبح، مع ما فيه من الإشارة إلى كون الشرك حالة قد تركت ونبذت وراء الظهر - أفاده أبو السعود -.

{ بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ } أي: للإسلام والتوحيد، وأنقذنا من عبادة الأصنام، فنصير كالمستمر على الضلال، بل { كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ } أي: استمالته عن الطريق الواضح مردة الجن، { فِي ٱلأَرْضِ } القفر المهلكة، { حَيْرَانَ } أي: تائها ضالاً عن الجادّة، لا يدري كيف يصنع. { لَهُ } أي: لهذا المستهويَ { أَصْحَابٌ } أي: رفقة { يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى } أي: إلى الطريق المستقيم، { ٱئْتِنَا } على إرادة القول، أي: يقولون ائتنا. أي: وهو قد اعتسف المهمة، تابعاً للشياطين، لا يجيبهم ولا يأتيهم. فشبه حال من خلص من الشرك، ثم عاد له، بحال من ذهبت به المردة في مهمة بعد ما كان على الجادة، ولا يدري مقصده الذي هو سائر إليه، مع وجود رفقة تناديه لتهديه، وهو لا يسمع لهم.

{ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ } أي: الذي أرسل به رسله، { هُوَ ٱلْهُدَىٰ } أي: وما وراءه ضلال وغيّ، { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.