الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ثُمَّ رُدُّوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ أَلاَ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ ٱلْحَاسِبِينَ }

{ ثُمَّ رُدُّوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ } أي: الذي يتولى أمورهم. و (الحَقَّ): العدل الذي لا يحكم إلا بالحق.

قال ابن كثير: الضمير للملائكة. أو للخلائق المدلول عليهم بـ (أحد). والإفراد أولاً، والجمع آخراً لوقوع التوفي على الانفراد، والرد على الاجتماع. أي: ردوا بعد البعث، فيحكم فيهم بعدله، كما قال:قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } [الواقعة: 49-50] وقال:وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } [الكهف: 47] إلى قوله:وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } [الكهف: 49] ولهذا قال: { مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ }.

{ أَلاَ لَهُ ٱلْحُكْمُ } يومئذ لا حكم فيه لغيره، { وَهُوَ أَسْرَعُ ٱلْحَاسِبِينَ } يحاسب الخلائق في أسرع زمان.

فوائد

الأولى: قال ابن كثير: ونذكر ههنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجلَ الصالحَ، قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان. فلا يزال يقال ذلك، حتى تخرج. ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان. فيقولون، مرحباً بالنفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة، وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان، فلا يزال يقال لها، حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل. وإذا كان الرجلَ السوء، قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث. اخرجي ذميمة، وأبشري بحميم وغساق، وآخر من شكله أزواج. فلا يزال حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان! فيقال: لا مرحباً بالنفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث. ارجعي ذميمة، فإنه لا يفتح لك أبواب السماء، فترسل من السماء، ثم تصير إلى القبر. فيجلس الرجل الصالح، فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول، ويجلس الرجل السوء، فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول " قال الحافظ ابن كثير: هذا حديث غريب.

الثانية: قال بعض أهل الكلام: إن لكل حاسة من هذه الحواس روحاً تقبض عند النوم، ثم ترد إليها إذا ذهب النوم. فأما الروح التي تحيا بها النفس، فإنها لا تقبض إلا عند انقضاء الأجل. والمراد بالأرواح، المعاني والقوى التي تقوم بالحواس، ويكون بها السمع والبصر، والأخذ والمشيء والشم. ومعنى:ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ } [الأنعام: 60] أي: يوقظكم، ويرد إليكم أرواح الحواس فيستدل به على منكري البعث؛ لأنه بالنوم يذهب أرواح هذه الحواس ثم يردها إليها. فكذا يحيي الأنفس بعد موتها - نقله النسفيّ -.

الثالثة: قال الخازن: فإن قلت: قال الله في آية:ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا }

السابقالتالي
2