الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } تقرير لما مرّ من أن على قلوبهم أكنة، وتحقيق لكونهم بذلك من قبيل الموتى، لا يتصور منهم الإيمان ألبتة. أي: إنما يستجيب لك، بقبول دعوتك إلى الإيمان، الأحياء الذين يسمعون ما يلقى إليهم، سماع تفهم، دون الموتى الذين هؤلاء منهم. كقوله تعالى:إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ } [النمل: 80] وإن كانوا أحياء بالحياة الحيوانية، أموات بالنسبة إلى الإنسانية، لموت قلوبهم بسموم الاعتقادات الفاسدة، والأخلاق الرديئة.

و { وَٱلْمَوْتَىٰ } مبتدأ. يعني: الكفار الذين لا يسمعون ولا يستجيبون، يبعثهم الله يوم القيامة، ثم إليه يرجعون، فيجزيهم بأعمالهم. فالموتى مجاز عن الكفرة كما قيل:
لا يُعْجِبَنَّ الجهولَ بِزَّتُهُ   فذاك مَيْتٌ ثِيَابُهُ كَفَنُ
قيل: فيه رمز إلى أن هدايتهم كبعث الموتى، فلا يقدر عليه إلا الله، ففيه إقناط للرسول صلى الله عليه وسلم عن إيمانهم. وفي تسميتهم (موتى) من التهكم بهم، والإزراء عليهم، ما لا يخفى.