الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } يعني: اليهود والنصارى { يَعْرِفُونَهُ } أي: يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بحليته ونعته الثابت في الكتابين { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ } بحلاهم ونعوتهم، لا يخفون عليهم، ولا يلتبسون بغيرهم.

قال المهايميّ: لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر في الكتاب نعته. وهو، وإن لم يفد تعينُّه باللون والشكل والزمان والمكان، تعيّن بقرائن المعجزات. فبقاء الاحتمال البعيد فيه، كبقائه في الولد، بأنه يمكن أن يكون غير ما ولدته امرأته، أو يكون من الفجور، مع دلالة القرائن على براءتها من التزوير والفجور. فهو، كما يعرفون أبناءهم في ارتفاع الاحتمال البعيد بالقرائن على براءتها.

قال الزمخشري: وهذا استشهاد لأهل مكة بمعرفة أهل الكتاب، وبصحة نبوّته.

ثم بيّن تعالى أن إنكاره خسران لما عرفوه، ولما أمروا بالتدين به بقوله: { ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } أي: من المشركين { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي: بهذا الأمر الجليّ الظاهر الذي بشرت به الأنبياء، ونوّهت به؛ لأنه مطبوع على قلوبهم.