{ وَقَالُواْ هَـٰذِهِ } إشارة إلى ما جعلوه لآلهتهم, والتأنيث للخبر { أَنْعَٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ } أي: حرام (والجمهور على كسر الحاء وسكون الجيم) فِعْل بمعنى مفعول, كالذِّبح والطَّحن, يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث والواحد والجمع؛ لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات. أي: محرمة علينا, أو محجرة علينا في أموالنا للأوثان. ويقرأ بضم الحاء. { لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ } قال في (المدارك): كانوا إذا عينوا أشياء من حرثهم وأنعامهم لآلهتهم قالوا: لا يطعمها إلا من نشاء. يعنون: خدم الأوثان، والرجال دون النساء. { بِزَعْمِهِمْ } حال من فاعل (قالوا) أي: متلبسين بزعمهم الباطل من غير حجة. قال ابن كثير: وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى:{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ } [يونس: 59]. { وَأَنْعَٰمٌ } أي: وقالوا مشيرين إلى طائفة أخرى من أنعامهم: هذه أنعام { حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا } يعنون بها البحائر والسوائب والحوامي { وَأَنْعَٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا } أي: حالة الذبح، وإنما يذكرون عليها أسماء الأصنام { ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ } أي: على الله، وكذباً منهم في إسنادهم ذلك إلى دين الله وشرعه، فإنه لم يأذن لهم في ذلك، ولا رضيه منهم. { سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي: عليه، ويسندون إليه. وفيه وعيد وتهديد. ثم بيّن تعالى فناً آخر من ضلالهم بقوله سبحانه: { وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا... }.