{ لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ } أي: الجامع للمواعظ، الموجب للنظر والتقوى بكل حال، { عَلَىٰ جَبَلٍ } قال المهايميّ: أي: بتفهيمه له؛ وتكليفه بما فيه، بعد إعطاء القوى المدركة والمحركة { لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً } أي: متذللاً لعظمة الله { مُّتَصَدِّعاً } أي: متشققاً { مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ } أي: مع عظم مقداره، وغاية صلابته، وتناهي قساوته. قال القاشانيّ: أي: قلوبهم أقسى من الحجر في عدم التأثر والقبول، إذ الكلام الإلهي بلغ من التأثير ما لا إمكان للزيادة وراءه، حتى لو فرض إنزاله على جبل لتأثر منه بالخشوع والانصداع { وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } أي: وتلك الأمور وإن كانت وهمية مفروضة، فلا بد من اعتبارها وضربها للناس الذين نسوا صغر مقدارهم فتكبروا، ولينَهم فقست قلوبهم { لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } أي: ليعلموا أنه أولى بذلك الخشوع والتصدع. قال الزمخشري: الآية تمثيل كما مرّ في قوله:{ إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ } [الأحزاب: 72] وقد دل عليه قوله: { وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } والغرض توبيخ الإنسان على قسوة قلبه، وقلة تخشعه عند تدبر القرآن وتدبر قوارعه وزواجره. ثم أشار تعالى إلى أنه كيف يترك الخشوع لذات الله وأسمائه مع أنه: { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ... }.