الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ } * { لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضِّآلُّونَ ٱلْمُكَذِّبُونَ } * { لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } * { فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } * { فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْحَمِيمِ } * { فَشَارِبُونَ شُرْبَ ٱلْهِيمِ } * { هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدِّينِ }

{ قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } أي: معين عنده تعالى، وهو يوم القيامة { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضِّآلُّونَ ٱلْمُكَذِّبُونَ } أي: الجاهلون المصرُّون على جهالاتهم، والجاحدون للبعث. { لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } وهو من أخبث شجر البادية في المرارة، وبشاعة المنظر، ونتن الريح { فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } أي: من ثمراتها الوبيئة البشعة المحرقة { فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْحَمِيمِ } أي: الماء الذي انتهى حره وغليانه. قال الزمخشري: وأنّث ضمير الشجر على المعنى، وذكّره على اللفظ في قوله: { مِنْهَا } و { عَلَيْهِ } { فَشَارِبُونَ شُرْبَ ٱلْهِيمِ } أي: الإبل التي بها الهيام. وهو داء لا ريّ معه، لشدة الشغف والكلب بها { هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدِّينِ } أي: جزاؤهم في الآخرة. وفيه مبالغة بديعة؛ لأن النزل ما يعدّ للقادم عاجلاً إذا نزل، ثم يؤتى بعده بما هو المقصود من أنواع الكرامة، فلما جعل هذا، مع أنه أمر مهول، كالنزل، دلّ على أن بعده ما لا يطيق البيان شرحه. وجعله نزلاً، مع أنه ما يكرم به النازل، متهكماً، كما في قوله:
وكنا إذا الجبارُ بالجيش ضافَنَا   جعلنا القَنَا والمُرْهَفَاتِ له نَزْلاً