الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } * { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } * { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } * { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } * { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } * { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } * { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } * { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } * { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } * { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } * { عُرُباً أَتْرَاباً } * { لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ }

{ وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } أي: أيّ شيء هم! أي: هم شرفاء، عظماء كرماء، يتعجب من أوصافهم في السعادة { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } أي: لا شوك له. أو موقَرَ بالثمار { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } يعني: شجر الموز الذي نضد ثمره من أسفله إلى أعلاه. قال مجاهد: كانوا يعجبون بوجّ، من طلحه وسدره. وشجرة الموز ثمرتها حلوة دسمة لذيذة لا نوى لها { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } أي: ممتد منبسط لا يتقلّص { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } أي: مصبوب دائم الجريان { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لاَّ مَقْطُوعَةٍ } أي: لا تنقطع عنهم متى أرادوها، لكونها غير متناهية، { وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } أي: لا تمنع عن طالبها. والقصد: مباينتها لفاكهة الدنيا، فإنها تنقطع أحياناً، كفاكهة الصيف في الشتاء، وتمتنع أحيانا لعزتها أو جدبها { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } أي: مرتفعة في منازلها، أو على الأرائك للرقود والمضاجعة. وقد يؤيده تأثره بوصف من يضاجعهن فيها. وهو قوله تعالى: { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } أي: بديعاً فائق الوصف. فالضمير يعود على ما فهم من السياق والسباق. وقيل: قد يكنى عن الحور بالفرش، كما يكنى عنهن باللباس. فالضمير للمذكور على طريق الاستخدام، إذ عاد إلى الفرش بمعنى النساء، بعد إرادة معناها المعروف منها. وقيل: على طريق الحقيقة أي مرفوعة على الأرائك، كآيةهُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ } [يس: 56]، { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } أي: لم يطمثن. { عُرُباً } جمع عروب، وهي المتحببة إلى زوجها، المحبوبة لتبعلها { أَتْرَاباً } أي: على سن واحدة { لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } متعلق بـ (أَنشَأْنَا) أو (جَعَلْنَا) أو صفة لـ { أَبْكَاراً } أو خبر لمحذوف، مثل هن. { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } أي: جماعة وأمة من المتقدمين في الإيمان، وممن جاء بعدهم من التابعين لهم بإحسان من هذه الأمة. والكثرة ظاهرة لوفرة أصحاب اليمين في أواخرهم دون السابقين، كما بينَّا أولاً.