الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُدْهَآمَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ }

{ هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ } أي: في العمل { إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } أي: في الثواب، وهو الجنة { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَمِن دُونِهِمَا } أي: دون تينك الجنتين المنوّه بهما { جَنَّتَانِ } أي: بستانان آخران، إشارة إلى وفرة الجنان واتصالها وسعة امتداد الطرف في مناظرها { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُدْهَآمَّتَانِ } أي: خضراوان من الريّ، تضربان إلى السواد من شدة الخضرة. أو من كثرة أشجارها الممتدة لا إلى نهاية { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } أي: فوّارتان بالماء { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } وإنما أفردهما بالذكر بياناً لفضلهما، كأنهما لما لهما من المزية، جنسان آخران { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ } جمع (خيّرة) بالتشديد، إلا أنه خفف. وقد قرئ على الأصل، أي فاضلات الأخلاق. وإيثار ضمير المؤنث على التثنية مراعاة للفظ المسند إليه بعده { حِسَانٌ } أي: حسان الوجوه { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ } الحور: جمع (حوراء) وهي البيضاء النقية، ومعنى: { مَّقْصُورَاتٌ } قصرن أنفسهنّ على منازلهنّ، لا يهمهنّ إلا زينتهنّ ولهوهنّ. وفيه المعاني المتقدمة أيضاً. و (الخيام) قال ابن جرير: يعني بها: البيوت. وقد يسمِّي العرب هوادج النساء خياماً، ثم أنشد له.

{ فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } يعني بهنَّ حور الجنتين اللتين من دون الأوليين. تكرير لما سبق، للتنويه بهذا الوصف، وكونه في مقدمة المشتهيات، وطليعة الملذات: { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ } أي: سرر أو مساند أو وسائد { خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ } أي: طنافس وبُسُط { حِسَانٍ } أي: جياد. والصفة كاشفة، ولذا قال ابن جبير: (العبقري) عتاق الزرابيّ، أي: جيادها. { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } أي: من إكرامه أهل طاعته منكما هذا الإكرام. { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } أي: ذي العظمة والكبرياء، والتفضل بالآلاء، و(الاسم) هنا كناية عن الذات العليّة، لأنه كثر اقتران الفعل المذكور معها، كآيةتَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً } [الفرقان: 61] وآية:تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ } [الملك: 1]، ونحوهما. وسر إيثار الاسم التنبيه على أنه لا يُعرف منه تعالى إلا أسماؤه الحسنى، لاستحالة اكتناه الذات المقدسة. فما عرف الله إلا الله هذا هو التحقيق.

وقيل: لفظ (اسم) مقحم، كقوله:
إلى الحولِ ثم اسمُ السلام عليكما   
وذهب ابن حزم إلى بقاء الاسم على حقيقته. وردّ من استدل بأن الاسم هو المسمى بما مثاله: لاحجة فيما احتجوا به. أما قول الله عز وجل: { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } فحقّ. ومعنى { تَبَارَكَ } تفاعل من البركة، والبركة واجبة لاسم الله عز وجل الذي هو كلمة مؤلّفة من حروف الهجاء، ونحن نتبرّك بالذكر له وبتعظيمه ونجلّه ونكرّمه، فله التبارك وله الإجلال منا ومن الله تعالى، وله الإكرام من الله تعالى ومنا، حينما كان من قرطاس، أو في شيء منقوش فيه، أو مذكور بالألسنة.

السابقالتالي
2 3