الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } * { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ }

{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ } أي: الذين اتقوا عقاب الله بطاعته، وأداء فرائضه، واجتناب نواهيه، { فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } أي: أنهار. واكتفى باسم الجنس المفرد لرعاية الفواصل. وقرئ بسكون الهاء، وضم النون، وقرئ بضمهما. { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ } قال ابن جرير: أي: في مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم.

وقال الزمخشريّ: في مكان مرضيّ. قال شرّاحه: فالصدق مجاز مرسل في لازمه، أو استعارة. وقيل: المراد صدق المبشِّر به، وهو الله ورسوله. أو المراد أنه ناله مَن ناله بصدقه وتصديقه للرسل، بالإضافة لأدنى ملابسة.

{ عِندَ مَلِيكٍ } بمعنى: ملك. قال الشهاب: وليس إشباعاً، بل هي صيغة مبالغة كالمقتدر { مُّقْتَدِرٍ } قال القاشانيّ: أي: يقدر على تصريف جميع ما في ملكه على حكم مشيئته، وتسخيره على مقتضى إرادته لا يمتنع عليه شيء.

وقال الشهاب: في تنكير الاسمين الكريمين إشارة إلى أن ملكه وقدرته لا تدري الأفهام كنههما، وأن قربهم منه بمنزلة من السعادة والكرامة، بحيث لا عين رأت، ولا أذن سمعت، مما يجل عن البيان، وتكلّ دُونه الأذهان.