{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } أي: بمقدار استوفى فيه مقتضى الحكمة، وترتب الأسباب على مسبّباتها، ومنه خلق دار العذاب، لما كسبت الأيدي، وإذاقة ألمها جزاء الزيغ عن الهدى. وهذه الآية كآية{ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } [الفرقان: 2] وآية{ سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ * ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ * وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } [الأعلى: 1-3]، أي: قدّر قدراً، وهدى الخلائق إليه. ولا مانع أن تكون هذه الآية وما بعدها إلفاتاً لعظمته تعالى، وكبير قدرته، وأن من كانت له تلك النعوت المثلى لجدير أن يُعبد وحده، ويرُهب بأسه، ويُتَّقَى بطشه، لا سيما وقد صدع الداعي بإنذاره، ومن أنذر فقد أعذر.