الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } * { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } * { وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } * { تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ } * { وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ }

{ فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } أي: متدفق. وفيه استعارة تمثيلية، بتشبيه تدفق المطر من السحاب بانصباب أنهار انفتحت لها أبواب السماء، وشق لها أديم الخضراء { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً } أي: وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون تنفجر. { فَالْتَقَى ٱلمَآءُ } أي: ماء السماء وماء الأرض { عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } أي: على حال قدَّره الله وقضاه، وهو هلاك قوم نوح. { وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } يعني السفينة. أقيمت صفاتها مقامها، لتأديتها مؤداها، وهو من بديع الكلام - كما بسطه في (الكشاف).

{ وَدُسُرٍ } جمع دِسار بكسر الدال، أو دَسْر كسقف وسقف، وهي أضلاعها، أو حبالها التي تشد فيها، أو مساميرها.

{ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا } أي: بمرأى منا. كناية عن حفظها بحفظه تعالى وعنايته. { جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ } أي: كفَر به، وهو الله تعالى، أو نوح وما جاء به، فهو من (الكفر) ضد الإيمان. أو هو نوح عليه السلام لأنه نعمة كفروها، فهو معتد بنفسه، استعير لنوح النعمة بطريق الكناية، ونسب الكفران تخييلاً أو حقيقة. { وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا } أي: قصة نوح { آيَةً } أي: جعلناها عِبْرَة يُعتبر بها { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }؟ أي: معتبر ومتعظ. وأصله: (مذتكر). { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } أي: عذابي لهؤلاء الكفرة، قومِ نوح، وإنذاراتي بما أحللت بهم، ليحذر أمثالهم وينتهوا عما يقترفونه.