الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } * { وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } * { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } * { فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ }

{ أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } يعني: القرآن الذي قص ما تقدم، وأنذر بما أخبر { تَعْجَبُونَ } أي: تعجب إنكار مع أن ما حواه مما يلجئ إلى الإذعان والإقرار، بل مما يفيض لحقيته الدمع المدرار، كما قال: { وَتَضْحَكُونَ } أي: استهزاء { وَلاَ تَبْكُونَ } أي: مما فيه من وعيد للعصاة، ومما فرط منكم قبل سماع ذكراه كما يفعله الموقنون به، المحدث عنهم في آية:وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } [الإسراء: 109] { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } أي: لاهون عما فيه من العبر، معرضون عن آياته كبراً.

قال مجاهد: كانوا يمرّون على النبيّ صلى الله عليه وسلم غضاباً مبرطمين، أي: شامخين.

وعن ابن عباس: هو الغناء: كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا، وهي لغة أهل اليمن يقولون: اسمد لنا: تغنّ لنا. والمآل واحد، وإن اختلفت العبارة عنه. ولا ريب أن كل ذلك مما كان يصدر عن المشركين.

قال في (الإكليل): فيه استحباب البكاء عند القراءة، وذم الضحك والغناء، واللهو واللعب والغفلة، كما فسر بالأربعة قوله: { سَامِدُونَ } وفسره السدّيّ بالاستكبار.

{ فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ } أي: واعبدوه دون من سواه من الأوثان، فإنه لا ينبغي أن تكون العبادة إلا له، فلا تجعلوا له شريكاً في عبادته.

وعن عبد الله بن مسعود قال: " أول سورة أنزلت فيها سجدة { وَٱلنَّجْمِ } فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد من خلفه " .. الحديث. وتقدم في أول السورة.

وروى الإمام أحمد عن المطلب بن وداعة قال: " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم، فسجد، وسجد من عنده، فرفعت رأسي فأبيت أن أسجد - ولم يكن أسلم يومئذ المطلب.

فكان بعد ذلك لا يسمع أحداً قرأها إلا سجد معه - " ورواه النسائيّ.