الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ } * { أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ } * { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } * { أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { أَمْ لَهُ ٱلْبَنَاتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ } * { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } * { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } * { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ } * { أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

{ أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ } قال ابْن جَرِير: أي: أخلق هؤلاء المشركون من غير آباء ولا أمهات، فهم كالجماد لا يعقلون، ولا يفهمون لله حجة، ولا يعتبرون له بعبرة، ولا يتعظون بموعظة. وقد قيل: إن معنى ذلك: أم خلقوا لغير شيء، كقول القائل: فعلت كذا وكذا من غير شيء، بمعنى: لغير شيء { أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ } أي: أنفسهم، أو هذا الخلق، فهم لذلك لا يأتمرون لأمر الله، ولا ينتهون عما نهاهم عنه؛ لأن للخالق الأمر والنهي { أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ } أي: بوعيد الله، وما أعدّ لأهل الكفر به من العذاب في الآخرة؛ فلذلك فعلوا ما فعلوا. { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ } أي: خزائن رزقه، فهم لاستغنائهم معرضون { أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } أي: الجبابرة المتسلطون.

{ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ } أي: مرتقى إلى السماء { يَسْتَمِعُونَ فِيهِ } أي: الوحي، فيدعون أنهم سمعوا هنالك من الله أن الذي هم عليه حق. { فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي: بحجة واضحة تصدق دعواه { أَمْ لَهُ ٱلْبَنَاتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ } أي: حيث جعلوا، لسفاهة رأيهم، الملائكةَ إناثاً، وأنها بناته تعالى، مع أنهوَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } [النحل: 58] { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً } أي: أجرة على إبلاغك إياهم رسالة الله تعالى، { فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ } أي: من التزام غرامة { مُّثْقَلُونَ } أي: من أدائه، حتى زهّدهم ذلك في اتباعك { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } أي: منه ما شاؤوا، وينبئون الناس عنه بما أرادوا { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً } أي: بالرسول وما جاء به، { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ } أي: الممكور بهم دونك، فثق بالله، وامض لِما أمرك به { أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ } أي: له العبادة على جميع خلقه { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي: تنزيهاً له عن شركهم، وعبادتهم معه غيره.