الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلطُّورِ } * { وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ } * { فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ } * { وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ } * { وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ } * { وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ }

{ وَٱلطُّورِ } أي: طور سينين: جبل بِمَدْيَنَ، سمع فيه موسى، صلوات الله عليه، كلام الله تعالى، واندك بنور تجليه تعالى.

{ وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ } أي: مكتوب، والمراد به القرآن، أو ما يعمّ الكتب المنزلة.

{ فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ } متعلق بـ " مسطور " أي: وكتاب سطِّر في ورق منشور يقرأ على الناس جهاراً، و (الرق) الصحيفة أو الجلد الذي يكتب فيه.

{ وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ } أي: الذي يُعْمَر بكثرة غاشيته، وهو الكعبة المعمورة بالحجاج والعمّار والطائفين والعاكفين والمجاورين. وروي أنه بيت في السماء بحيال الكعبة من الأرض. يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة ثم لا يعودون فيه أبداً. والأول أظهر؛ لأنه يناسب ما جاء في سورة التين من عطف { ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } على { وَطُورِ سِينِينَ } والقرآن يفسر بعضه بعضاً؛ لتشابه آياته وتماثلها كثيراً، وإن تنوعت بلاغة الأسلوب.

قال المهايميّ: أورده بعد الكتاب الذي هو الوحي؛ لأنه محل أعظم الأعمال المقصودة منه، ولأنه مظهر الوحي ومصدر الرحمة العامة المهداة للعالمين، ولأنه من أجلّ الآيات وأكبرها، كما دل عليه آية:أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ } [العنكبوت: 67] وآيات أخر.

{ وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ } يعني السماء. وجعلها سقفاً؛ لأنها للأرض كسماء البيت الذي هو سقفه.

{ وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ } أي: المملوء، أو الذي يوقد، أي: يصير ناراً، كقوله:وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } [التكوير: 6] قال ابن جرير: والأول أولى، أعني: أن معناه البحر المملوء المجموع ماؤه بعضه في بعض؛ لأن الأغلب من معاني (السَّجرْ) الإيقاد أو الامتلاء، فإذا كان البحر غير موقد اليوم، ثبتت له الصفة الثانية وهو الامتلاء؛ لأنه كل وقت ممتلئ، ولا ننس ما قدمنا في أوائل " الذَّارِيَاتِ " من أن هذه الأقسام كلها دلائل أخرجت في صورة الإيمان.