الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ } * { مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } * { يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوْراً } * { وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً } * { فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ } * { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } * { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } * { ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } أي: يدفعه عن المكذبين، فينقذهم منه إذا وقع. { يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوْراً } أي: تضطرب. { وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً } أي: تسير عن وجه الأرض فتصير هباءً منثوراً { فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } أي: بالحق، الجاحدين له { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ } أي: من الاعتساف والاستهزاء { يَلْعَبُونَ } أي: بآيات الله ودلائله { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } أي: يدفعون إليها بعنف. يقال: دعَعْت في قفاه، إذا دفعته فيه بإزعاج { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } أي: يقال لهم ذلك { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا } أي: الذي وردتموه الآن، والفاء للسببية، لتسبب هذا عما قالوه في الوحي { أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } أي: كما كنتم لا تبصرون في الدنيا. قال الزمخشريّ: يعني أم أنتم عمي عن المخبر عنه، كما كنتم عمياً عن الخبر، وهذا تقريع وتهكم. { ٱصْلَوْهَا } أي: ذوقوا حرّ هذه النار { فَٱصْبِرُوۤاْ } أي: على ألمها، { أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ } أي: الأمران. الصبر وعدمه سواء عليكم { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ } أي: لا تعاقبون إلا على معصيتكم في الدنيا لربكم، وكفركم به.

قال الزمخشريّ: فإن قلت: لم علل استواء الصبر وعدمه بقوله: { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ... } إلخ؟ قلت: لأن الصبر إنما يكون له مزية على الجزع؛ لنفعه في العاقبة بأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير. فأما الصبر على العذاب الذي هو الجزاء، ولا عاقبة له ولا منفعة، فلا مزية له على الجزع.