الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَآءَ وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }

{ وَلَوْ كَانُوا } أي: هؤلاء الذين يتولون عبدة الأوثان من أهل الكتاب { يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ } أي: نبيهم موسى عليه السلام { وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ } أي: من التوراة { مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَآءَ } إذ الإيمان بالله يمنع من توليّ من يَعْبُدُ غَيْرَهُ { وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } خارجون عن دينهم، أو متمردون في نفاقهم. يعني: أن موالاتهم للمشركين كفى بها دليلا على نفاقهم، وأن إيمانهم ليس بإيمان؛ لأن تحريم ذلك متأكد في التوراة وفي شرع موسى عليه السلام. فلما فعلوا ذلك ظهر أنه ليس مرادهم تقرير دين موسى عليه السلام، بل مرادهم الرياسة والجاه، فيسعون في تحصيله بأي طريق قدروا عليه، فلهذا وصفهم تعالى بالفسق.

وفي الآية وجه آخر: وهو أن يكون المعنى: ولو كانوا - أي: منافقوا أهل الكتاب المدّعون للإيمان - يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن حق الإيمان، ما ارتكبوا ما ارتكبوه، من موالاة الكافرين في الباطن.

والوجه الأول أقوم، والله أعلم.

ثم أكد تعالى ما تقدم من مثالب اليهود بقوله:

{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ... }.