الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَٱلْكُفَّارَ أَوْلِيَآءَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي: مقتضى إيمانكم حفظ تعظيم دينكم { لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ } أي: الذي هو رأس مال كمالاتكم، الذي به انتظام معاشكم ومعادكم، وهو مناط سعادتكم الأبدية، وسبب قربكم من ربكم { هُزُواً } أي: شيئاً مستخفّاً { وَلَعِباً } أي: سخرية وضحكاً، مبالغة في الاستخفاف به حتى لعبوا بعقول أهله. ثم بيّن المستهزئين وفصّلهم بقوله تعالى: { مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَٱلْكُفَّارَ } قرئ بالنصب والجرّ، يعني المشركين كما في قراءة ابن مسعود: " وَمنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ " { أَوْلِيَآءَ } في العون والنصرة. وإنما رتب النهي على وصف اتخاذهم الدين هزواً ولعباً، تنبيهاً على العلة، وإيذاناً بأن مَن هذا شأنه، جدير بالبغضاء والشنآن والمنابذة. فكيف بالموالاة؟ { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي: في ذلك، بترك موالاتهم، أو بترك المناهي على الإطلاق. فيدخل فيه ترك موالاتهم دخولا أوليّاً { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } أي: حقّاً، فإن قضية الإيمان توجب الاتقاء لا محالة.

ثم بيّن استهزاءهم بحكم خاص من أحكام الدين، بعد استهزائهم بالدين على الإطلاق، إظهاراً لكمال شقاوتهم، بقوله سبحانه:

{ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً... }.