الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاۤئِمٍ ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاۤئِمٍ ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } لما نهى تعالى - فيما سلف - عن مولاة اليهود والنصارى، وبيّن أنّ موالاتهم مستدعية للارتداد عن الدين بقوله:فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } [المائدة: 51] وقوله: " حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ " [المائدة: 53] - شرع في بيان حال المرتدين على الإطلاق، ونوّه بقدرته العظيمة. فأعلم أنه من تولى عن نصرة دينه وإقامة شريعته، فإن الله سيستبدل به من هو خيرٌ لها منه، وأشدّ منعة، وأقوم سبيلاً، كما قال تعالى:وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم } [محمد: 38]، وقال تعالى:إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ } [النساء: 133]، و قال تعالى:إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } [فاطر: 16-17]، أي: بممتنعٍ ولا صعب.

وفي هذه الآية مسائل

الأولى: قال المحققون: هذه الآية من الكائنات التي أخبر عنها في القرآن قبل كونها، وقد وقع المخبَرُ به على وفقها، فيكون معجزاً. فقد روي أنه ارتدّ عن الإسلام إحدى عشرة فرقة: ثلاث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(بنو مدلج) ورئيسهم ذو الحمار - بحاء مهملة وضبطه بعضهم بالمعجمة - وهو الأسود العنسي - بالنون نسبة إلى عنس قبيلة باليمن - وكان كاهناً ثم تنبأ باليمن، واستولى على بلاده، وأخرج عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل وإلى سادات اليمن، فأهلكه الله على يدي فيروز الديلميّ، بَيَّتَهُ فقتله. وأخبر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقتله ليلة قُتِل، فسُرَّ المسلمون، وقُبضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في آخر شهر ربيع الأول.

و (بنو حنيفة) قوم مسيلمة: تنبأ وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أما بعد فإن الأرض نصفها لي ونصفها لك. فأجاب عليه الصلاة والسلام: " من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب. أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين... " فحاربه أبو بكر رضي الله عنه بجنود المسلمين؛ وقُتِلَ على يَدَيْ وحشيّ، قاتل حمزة، وكان يقول: قتلتُ خير الناس في الجاهلية، وشرّ الناس في الإسلام. أراد: في جاهليتي وإسلامي.

و (بنو أسد) قوم طليحة بن خويلد. تنبأ في حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكثر جمعه، ومات صلى الله عليه وسلم وهو على ذلك. فبعث إليه أبو بكر خالداً رضي الله عنهما، فقصده، فانهزم طليحة بعد القتال إلى الشام.

السابقالتالي
2 3 4 5