الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

{ يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } أي: في حفظه إيّاكم عن أعدائكم { إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ } أي: بأن يبطشوا بكم بالقتل والإهلاك { فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ } أي: منعها أن تمدّ إليكم، وردّ مضرتها عنكم. وقيل: الآية إشارة إلى ما روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهريّ عن أبي سلمة عن جابر: " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم نزل منزلاً وتفرق الناس في العضاه يستظلون تحتها، وعلقّ النبيّ صلى الله عليه وسلم سلاحه بشجرة، فجاء أعرابي إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذه فسلَّه. ثم أقبل على النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: من يمنعك مني؟ قال: " الله عزّ وجلّ ". قال الأعرابيّ مرتين أو ثلاثاً: من يمنعك مني؟ والنبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: " الله ". قال: فشام الأعرابيّ السيف. فدعا النبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابيّ، وهو جالس إلى جنبه، ولم يعاقبه " وقال معمر: كان قتادة يذكر نحو هذا، ويذكر أنّ قوماً من العرب أرادوا أن يفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم. فأرسلوا هذا الأعرابيّ. وتأوّل هذه الآية. وأخرج أبو نعيم في (دلائل النبوة) من طريق الحسن عن جابر بن عبد الله. " أن رجلاً من محارب يقال له غورث بن الحرث قال لقومه: أقتل لكم محمداً، فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس وسيفه في حجره فقال: يا محمد، أأنظر إلى سيفك هذا؟ قال: " نعم ". فأخذه فاستله وجعل يهزه ويهم به فيكبته الله تعالى. فقال: يا محمد، أما تخافني؟ قال: " لا ". قال: أما تخافني والسيف في يدي؟ قال: " لا، يمنعني الله منك ". ثم غمد السيف ورده إلى رسول الله " ، فأنزل الله الآية. وقصة هذا الأعرابيّ ثابتة في (الصحيح).

وأخرج ابن جرير عن عكرمة ويزيد بن أبي زيادة واللفظ له: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خرج ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة وعبد الرحمن بن عوف حتى دخلوا على كعب بن الأشرف ويهود بني النضير، يستعينهم في عقلٍ أصابه. فقالوا: نعم. اجلس حتى نطعمك ونُعطيك الذي تسألنا، فجلس. فقال حييّ بن أخطب لأصحابه: لا ترونه أقرب منه الآن. اطرحوا عليه حجارة فاقتلوه ولا ترون شرّاً أبداً، فجاؤوا إلى رحى عظيمة ليطرحوها عليه، فأمسك الله عنها أيديهم، حتى جاء جبريل فأقامة من ثمت. فأنزل الله الآية. وروى نحوه ابن أبي حاتم. قال ابن كثير: ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغدو إليهم، فحاصرهم حتى أنزلهم فأجلاهم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8